جمال عبدون
نبتة صالحة من أرض أنبتت زيدان
يعتبر اللاعب المغترب، جمال عبدون، الذي ينشط في نادي نانت الفرنسي من بين الشبان الذين سيعيدون مجد الكرة الجزائرية في المستقبل القريب، نظرا لصغر سنه ونجاحه في فرض نفسه مع فريق له باع وتاريخ كبير في البطولة الفرنسية، معروف بالمدرسة النموذجية للكرة الفرنسية من خلال اعتماده على سياسة التكوين وانتدابه للمواهب الشابة
فاهتمام الكناري الفرنسي بعبدون الذي أمضى عقدا لمدة أربع سنوات، يؤكد مؤهلات اللاعب الذي ولد وترعرع في أحد الأحياء الشعبية بالعاصمة باريس، أين تعلم في الشارع أبجديات الكرة ككل أطفال المغتربين الذين يولدون بولع أفيون الشعوب كرة القدم•
عبدون جمال يعتبر عينة من هؤلاء الذين يسيرون على خطى ابن جلدتهم الموهبة العالمية زين الدين زيدان، الذي ينحدر من أصول بجاوية، بلدية بوخليفة الساحلية•• حيث ينحدر بدوره من ذات المنطقة من حوض الصومام بالتحديد الذي احتضن المؤتمر التاريخي الذي حمل اسمه.
عبدون المتشبع بالروح الوطنية و الإسلام من خلال اتصاله المباشر مع عائلته بالجزائر، لم يقطع حبل الوريد مع وطنه الذي تربى في ديار الغربة تربية إسلامية بدليل التزامه وحفاظه على العمود الفقري للدين وهي الصلاة، كما أكده لنا إمام مسجد ''بيزيو'' ببلدية آمالو شخصيا، الذي سرد لنا قصة حرص اللاعب على أداء صلاة المغرب خلال الزيارة التي قام بها مباشرة بعد لقاء المنتخب الوطني برواندا: ''رغم عدم إلمامي بشؤون الكرة إلا أنني أصبحت متابعا به بعد زيارة الشاب المتخلق عبدون إلى القرية لزيارة عائلته، حيث كنت من بين المدعوين لاستقباله، وبينما أتحدث إليه رفع المؤذن أذان المغرب فما كان من الشاب إلا الاعتذار للمنظمين والحشد الغفير من أبناء القرية وكذا المداشر المجاورة الذين قدموا لملاقاته والتحدث إليه، لمرافقتي إلى المسجد لأداء الصلاة، الأمر الذي أسعدني كثيرا، فشخصيا أعجبت بأخلاقه وحفاظه على الصلاة، وأتمنى له النجاح كونه عبرة وقدوة لنظرائه من الشباب''•
من العاصمة باريس إلى جزيرة كورسيكا
إمكانيات الطفل عبدون الفنية التي تجلت في حسن مداعبته للكرة في حي سان دوني بالعاصمة باريس سمحت له بالمضي قدما في مشواره الرياضي، حيث انضم إلى فريق اف سي باريس الذي كان أول محطة للدولي الجزائري رابح ماجر، لينجح في مسابقة الانتقاء الذي ينظمها سنويا مركز تكوين الشباب بكان، وهو نفسه الذي انطلق منه الموهبة العالمية زين الدين زيدان، لتتكلل بعده منطقيا مجهودات عبدون من خلال انتقاله إلى جزيرة كورسيكا التي كانت المحطة الأولى له كلاعب محترف وإمضائه لعقد بأربع سنوات كاملة مدافعا عن ألوان فريق أجاكسيو، الذي لعب له من عام 2003 إلى غاية 2007 • نجح عبدون في ضمان مكانة اللاعب الأساسي مع مرور الجولات في السنة الأولى ليصبح أحد مفاتيح اللعب للفريق، حيث تم اختياره ضمن تعداد منتخب الآمال للديكة، ما يؤكد قصر نظر المسؤولين على الكرة حينها•
تعلم الدروس من تجربته القصيرة في البطولة الإنجليزية
عبدون الذي كان يفتقر للخبرة والتجربة، اعتبر تجربته الفاشلة في البطولة الانجليزية درسا استفاد منه كثيرا في كيفية تسيير مستقبله الرياضي، فانتقاله خلال فترة الإعارة الشتوية للموسم الرياضي 2007 2006- لم يكن موفقا في ظل تعرضه للإصابة وكذا المنافسة في فريق مانشيستر سيتي في وسط الميدان الذي كان يضم أسماء معروفة، حيث لم يشارك في أي لقاء رسمي طول فترة تواجده في مدينة مانشستر، ليعود إلى فريقه الأصلي أجاكسيو الذي قبل عرض نادي سودون الذي سطر هدف الصعود إلى القسم الأول الفرنسي•
تألقه مع سودون فتح له أبواب نانت واسعة
رغم أن العرض الذي تقدم به نادي سودون لم يكن مغريا من الناحية المالية، إلا أن عبدون قبله بنية التحدي و رد الاعتبار بعد فشل تجربته الانجليزية، خاصة في تأثره من غياب المنافسة الذي كان متخوفا من مواصلة الوضع، ففرصة سودون كانت مواتية له للعب أكبر وقت ممكن، وكان له ذلك حيث لعب عبدون 33 مقابلة سجل منها 5 أهداف، الأمر الذي أثار اهتمام الكناري الفرنسي فريق نانت به•
نانت فتحت له أبواب الخضر على مصراعيها
اهتمام نانت بخدمات عبدون الذي تجسد في العقد الذي أمضاه اللاعب لمد أربع سنوات وتألقه في أول موسم له، رغم الإصابة الخطيرة التي تعرض لها وأبعدته لمدة طويلة عن الملاعب، حيث سجل عودة قوية تواصلت مع بداية الموسم الحالي الذي توج خلالها كأفضل ممرر وأحسن لاعب في الفريق مع بداية الموسم، لتتوج مجهوداته بتلقيه دعوة من طرف مدرب الخضر رابح سعدان، بعد اختياره اللعب للمنتخب الجزائري مباشرة بعد إعادة النظر في قضية مزدوجي الجنسية التي تسمح للاعب باختيار البلد الذي سيدافع عن ألوانه، حيث تابع عبدون لقاء رواندا من المدرجات كون الاختيار وقع على زميله يبدة، إلا أن ذلك لم يؤثر على معنويات عبدون المعروف برزانته• واستدعاؤه مجددا من طرف الشيخ سعدان لتربص إيطاليا يؤكد ثقة الشيخ في إمكانيات الشاب الواعد الذي لا يتعدى سنه 23 سنة، وسيستفيد من فرصة إبراز مؤهلات في الوقت المناسب كما أكده له المدرب شخصيا، حسب أحد أقاربه الذي أكد لنا خلال لقائنا به أن عبدون غير قلق من جلوسه على مقعد الاحتياط كونه يثق في خيارات المدرب الذي تحدث معه مطولا قبل اللقاء، كما أوضحه له شخصيا خلال زيارته الأخيرة إلى مسقط رأس والدته ببيزيو بلدية آمالو بولاية بجاية•
ترحاب خاص لدى الأعمام بتيفريت
الاستقبال الشعبي الذي حظي به جمال عبدون في قرية تيفريث، مسقط رأس عائلة عبدون، التي تقع على مشارف بلدية أقبو التي تعتبر ثاني أكبر بلديات الولاية، تبعد بحوالي 80 كلم عن عاصمة الولاية بجاية، بقي راسخا في أذهان موطني القرية وما جاورها، حيث كشف لنا الشباب منهم بصفة خاصة عن افتخارهم بعبدون الذي بات مصدر عزهم وافتخارهم في كامل تراب الولاية عندما يتعلق الأمر بكرة القدم، حيث نجح العديد منهم في أخذ صورة تذكارية معه نظرا لتواضعه وارتباطه العميق مع كل ما يمس بأصوله الجزائرية• تحول منزل العائلة إلى مزار الوافدين للحديث مع عبدون الذي كان يسمع قصص حياة والده من طرف أصدقائه وأعمامه، حيث عبروا له عن صدمتهم وحزنهم العميق لوفاته•
واستقبال الأبطال لدى الأخوال ببيزيو
وبنفس نبرة الحنين، تحدث لنا سكان بيزيو، مسقط رأس الوالدة التي تعتبر مثال المرأة الجزائرية التي بقيت محافظة على دينها وعادات و تقاليد منطقة القبائل التي تنحدر منها رغم تواجدها في ديار الغربة منذ سنين طويلة، حيث يتباهى الجميع بحفاوة واستقبال الأبطال الذي خصوا به جمال عبدون من خلال تواجد السلطات الرسمية التي كرمته وسطرت برنامجا ثريا على شرفه، من خلال الحضور الكبير لسكان القرى المجاورة الذين توافدوا بقوة من أجل التحدث إليه وتشجيعه رفقة باقي أعضاء المنتخب الوطني لضمان التأهل، وصل الحد ببعض التلاميذ إلى التغيب عن مقاعد الدراسة لمشاهدة عبدون، كما أكده لنا السيد مجاني الذي كان ضمن لجنة التنظيم: ''شعبية عبدون في المنطقة دفعتنا إلى الانتقال إلى الطابق الثاني من المدرسة التي احتضنت التكريم لكي يتسنى للجميع مشاهدته، لقد كان تكريما تاريخيا للمنطقة سيبقى راسخا في الأذهان وكلنا أمل في استقباله مجددا بعد تأهل الخضر إلى المونديال بحول الله''•
الوالدة مصدر قوة عبدون
كشف لنا محمد، خال عبدون، أن أخته كانت منذ الصبا قوية الشخصية ومثابرة في عملها اليومي، فرغم زواجها المبكر وانتقالها للعيش بفرنسا رفقة زوجها، إلا أنها حافظت على العادات والتقاليد ونجحت في تربية أبنائها الخمسة بعد وفاة زوجها، فكانت مصدر الهام و قدوة لبنتيها ليلى، وخاصة آخر العنقود جمال الذي لم تتقبل بعده عنها بعد زواجه، ما يؤكد الرابطة القوية التي تربطه بها•
عبدون عد بتمويل مشروع مدرسة لكرة القدم
لاحظنا إقبال الأطفال بشكل خاص ومكثف على ممارسة كرة القدم، حيث صادفنا العديد منهم يتنافسون في ترويض الكرة في كل مكان، حيث دفعنا الفضول إلى طرح سؤال على أحد المواطنين الذي كان يستمتع بفنيات الشبان فكان رده مباشرا:''منذ زيارة المجاملة التي قام به جمال عبدون إلى القرية والوعد الذي قدمه لشبان المنطقة بتقديم الدعم المادي لتمويل مشروع بعث مدرسة لكرة القدم ببيزيو وتيفريت، إلى جانب شرائه لكمية معتبرة من الألبسة الرياضية والكرات ، تضاعف اهتمام الأطفال بكرة القدم التي أضحوا يلبسون الرقم سبعة لنادي نانت، باللون نفسه الذي يلبسه فريقهم المفضل شبيبة القبائل•
ويريد شراء فيلا ببجاية التي يعشقها
حسب أحد المقربين من عبدون، فإن هذا الأخير أكد له أنه يود شراء منزل بمدينة بجاية التي يحبها كثيرا نظرا لطبيعتها الخلابة التي تتزاوج فيها زرقة البحر واخضرار الغابة، ما سيسمح له بزيارتها كلما سمحت له الظروف ومنه الاقتراب بعائلته سواء بتيفريت أو بيزيو، خاصة وأن زيارته الأخيرة للمنطقة جاءت بعد أكثر من عشرية كاملة، كونه لم يزر بجاية منذ كان عمره 11 سنة يحتفظ خلالها ببعض الذكريات، وكذا بعض الكلمات بالقبائلية التي تعلمها منذ صغره• جمال عبدون في أسطر
جمال عبدون من مواليد 14 فيفري 1986 بمونتروي سو بوا، التابع إقليميا لمقاطعة سان سان دوني بالعاصمة باريس مزدوج الجنسية جزائرية وفرنسية•
متزوج من مغربية، وهو أصغر إخوانه الخمسة ليندة، ليلى و الياس، والأخ الأكبر محند، كلهم متزوجون. طوله 80,1 متر وزنه 65 كلغ
مشواره الرياضي:
2003 - 2004 فريق أجاكسيو القسم الأول في البطولة الفرنسية 2004 - 2005 نفس النادي القسم الأول في البطولة الفرنسية 2005 - 2006 نفس النادي ونفس القسم 2006 - 2007 أجاكسيو القسم الثاني، ثم منشستر سيتي على شكل إعارة 2007 - 2008 فريق سودون عل شكل إعارة (القسم الثاني الفرنسي) 2008 إلى يومنا هذا مع فريق نانت (القسم الثاني الفرنسي)•
راية بيزيو لازالت ترفرف إلى جانب الأعلام الوطنية يا جمال لازال الديكور الذي استقبل به سكان بيزيو بطلهم جمال عبدون، رغم مرور شهر تقريبا من الحدث، تتقدمه الراية التي كتب عليها ''بيزيو تفتخر بك يا جمال'' التي تتوسط الأعلام الوطنية التي زينت شرفات المدارس والمنازل، وكأنها تنتظر الحفل الكبير يوم السبت لإطلاق العنان والأيام الملاح التي ستعيد الاعتبار إلى كرة القدم الجزائرية من بوابة الفراعنة
الرئيسية 
